سوسيولوجية التربية
إعداد: الطالب الباحث عبد الله الرخا
تعرف مشكلة الغياب على أنها انقطاع التلميذ عن الذهاب الى المدرسة دون وجود عذر قانوني، و هي من أهم المشكلات التي يعاني منها المجتمع المدرسي وذلك لما لها من تأثير على حياة الطالب الدراسية وسببا في الكثير من إخفاقاته التحصيلية وانحرافاته السلوكية وهذا ما دفعني الى كتابة بحثي هذا للوصول الى أسباب المشكلة الحقيقية ومحاولة إيجاد الحلول نحو الأفضل.
أحاول إذن معرفة مشكلة غياب التلاميذ بالوسط التعليمي والذي يعتبر من المواضيع الاساسية التي حضيت بالدراسة والتحليل من طرف أغلب الباحثين كل حسب وجهة نظره الخاصة ،وبما أنني اخترت الحقل السوسيولوجي في مساري المعرفي ،فإنني اعتمدت الأبحاث الاجتماعية سندا ومرتكزا في توجيه الخطوط العريضة لبحثي هذا.
و سأركز هنا على العامل الاجتماعي كمتغير أساسي في معرفة المشكل الاساسي لغياب التلاميذ، و بالتالي تفسير السلوك لدى الأفراد التلاميذ من كل الجنسين،وربما يكون الاتجاه السوسيولوجي في تفسير أسباب هذه الظاهرة الاجتماعية لدى التلاميذ هو الاتجاه الاكثر دقة و تحليلا على خلاف ما سبقه من اتجاهات بيولوجية وفيزيولوجية، فهو أكثرها شيوعا وأخصبها إنتاجا وأقربها إلى منطق السببية، وأكثرها استيعابا لكافة الظروف والأسباب والعوامل التي تتواجد عند أغلب التلاميذ ،وهذا الاتجاه يقوم على اعتبار المشكلة الاجتماعية ظاهرة سوسيولوجية ذات أبعاد اجتماعية محددة،ولذلك فإن هدف هذه البحث هو تحديد هذه الأبعاد وتشخيص تلك العوامل المختلفة التي تشكل تلك الأرضية أو الخلفية لتكوين المشاكل الاجتماعية.
v الزمان و المــــكان:
إذا كان لكل بحث هدف يراد الوصول إليه ،فإنه لا بد لأي باحث من اختيار الأسس المنهجية التي على ضوئها ينظم إطار بحثه،وطرح بدائل كحلول للمشكلة، وانطلاقا من هدف البحث الذي يسعى إلى تحليل وضعية اجتماعية لها جوانب تتفاعل في إطار الجدل بين الفرد والجماعة، و نظرا لما للمنهج المتبع من فعالية في كشف الظاهرة، كان النزول إلى الميدان بمجموعة تيمة أساسية على ضوئه سأفترض مجموعة من الفرضيات و الأسئلة التي و وضعتها تاركا للواقع المعاش لهؤلاء التلاميذ الإجابة عنها، فالميدان هو الكشاف، والملاحظة على ما يبدو هي المنهج الملائم الذي يؤكد إلى حد ما العوامل التي لها التأثيرالمباشر في الظاهرة، لذا كانت الملاحظة التي تم استخدامها من نوع الملاحظة بدون مشاركة، و هي حسب الباحث محمد حسن عبد الباسط"عبارة عن مراقبة و تتبع مجريات أحداث يقوم بها الباحث ، من دون أن يندمج في حياة مجتمع البحث التي تمكنه من مشاهدة السلوك الطبيعي الواقعي، من دون تصنع" ومن ثم كان القيام بها عبر عدة مراحل:
فخلال المرحلة الاولى و هي مرحلة البداية، كانت مجرد زيارات لبعض المؤسسات التعليمية المتواجدة بالمدينة كالثانوية الاعدادية محمد الدرفوفي و المتواجدة بالحي المحمدي، و الثانوية الاعدادية الانبعاث و القريبة من درب الحمام، و الثانوية التأهيلية عبد الله الشفشاوني و المتواجدة بحي الكرسي، و الثانوية التأهيلية الحسن الثاني و المتواجدة بطريق أولادسعيد امتدت عشرة أيام و بالضبط من 15 ماي الى 20 منه 2012 بمقدار زيارتين لكل مؤسسة .
أما المرحلة الثانية كانت زيارة لبعض الأزقة بالمدينة امتدت حوالي خمسة أيام من 25 ماي الى 30 ماي2012 كالحي المحمدي،و حي الكرسي و درب الحمام و بعض الساحات كساحة الامل.....الخ، و ملاحظة حركات التلاميذ المتواجدين بها، وكذا مظهرهم الخارجي و نوعية اللغة التي يستعملونها للتواصل فيما بينهم.
و في المرحلة الثالثة و الاخيرة كانت زيارة بعض مقاهي الانترنت بالمدينة سواء منها التي توجد بمركز المدينة كحي رابحة و النهضة ، و المتواجدة بحي الكرسي و بوخريص و أيضا بعض مقاهي الانترنت المتواجدة قرب المؤسسات التعليمة.
v الملاحـــــظة و الوصـــــف:
لترتيب هذه الملاحظات بشكل علمي قمت بتدوين هذه الملاحظات في مذكرة خاصة كي تساعدنيي على تحليل كل معطيات الملاحظة بشكل دقيق.
إن هذه التقنية خرجت لنا بالعديد من الملاحظات تم تسجيلها خلال فترة المتابعة لمختلف مراحل الملاحظة ، ذلك لأننا نحاول هنا أن نعرف المظاهر الخارجية التي من شانها الكشف عن خبايا الظاهرة من كل الجوانب.
فخلال يوم 15 ماي 2012 وعند الفترة الصباحية بالضبط على سبيل المثال توجهت صوب الثانوية التأهيلية عبد الله الشفشاوني،وهي تعتبر إحدى الثانويات القديمة بالمدينة و لاحظت غياب وتأخر العديد من التلاميذ عن حصص الدروس نفس الشئ رأيته أثناء زيارتي للثانوية التأهيلية الحسن الثاني في اليوم الموالي و أيضا محمد الدرفوفي و الانبعاث،و قد لاحظت أيضا العديد منهم من يحاول الدخول و ذلك عبر طرق باب المؤسسة المقفل،لكن محاولاتهم باءت بالفشل لعدم فتح الباب من طرف الحارس المكلف بفتح الباب لانهم تخلفوا عن الحضور في الوقت المضبوط و لان القانون الداخلي يؤكد ذلك،ولعل الصرامة تعبر عاملا أساسيا في ضبط الحضور و االغياب داخل هذه المؤسسات.
هذا مشهد من المشاهد الكثيرة التي رأيتها بجل هذه المؤسسات، و التي حاولت استقصاءها استطعت أن أميزهم بسهولة من خلال حالتهم العصبية وقلقهم الشديد،و منهم من يجهش بالبكاء و في محاولة الاقتراب منهم قرب باب المؤسسة أكثر،العديد منهم يقم بسب الحارس و المؤسسة،و لاحظت هنا أن لغتهم تبدو عنيفة،و ترى علامات البؤس على أوجههم من خلال سخطهم الشاد على وضعيتهم المزرية.
و قد لاحظت أيضا بجانب هذه المؤسسات يتجمع العديد من التلاميذ في شكل مجموعات إما لمعاكسة الفتيات و إما للتدخين...خصوصات في العاشرة صباحا الى الثانية عشرة،و مساءا ابتداءا من الرابعة الى السادسة ،ومن التلاميذ من وجدتهم قرب هذه المؤسسات لا يلجون قاعة الدروس إما لانهم مطرودون من طرف إدارة المؤسسة لشغبهم في إحدى الحصص الدراسية أو الساحة بعد أن أمرتهم الادارة بالذهاب لاستدعاء أولياء أمورهم ،و إما لعدم قيامهم بواجباتهم المدرسية من تمارين منزلية أو ملخصات.و لاحظت أيضا العديد من الاباء صحبة أوليائهم يدخلون من باب المؤسسة في إتجاه الادارة،و منهم من هو غائب أكثر من أسبوع دون علم من طرف ولي أمره.
و في زياراتي لحديقة الخنساء و بعض مقاهي الانترنت و كذلك بعض الازقة في المدينة لاحظت تلاميذ المؤسسات التعليمية يضيعون أوقات فراغهم اما عن طريق جلوسهم الكثير في لقاءات حميمية بساحة الامل أو مقاهي الانترنت و خصوصا التلميذات منهم اللواتي يبرمن مواعيد عاطفية مع شباب لا ينتمي للحقل المدرسي و أغلب هؤلاء التلميذات يبلغ سنها مابين 13 و 18 سنة،و يقمن بالجلوس امام الكومبيوترمع رفقائهم لساعات طويلة في لقاء حميمي،و من التلاميذ من لا يدخل الى المنزل الا في وقت متأخر من الليل حيث يظل مع رفقائه إما في مقهى الانترنت أو في قاعة الالعاب.
v الاشكــــــــــــــالية:
الغياب ظاهــرة اجتماعيــة خطيـرة تفشـت في الآونـة الأخيـرة بشكـل كبيـر في الجسد التعليمي ، فأصبحـت تهـدد المجتمـع بأسـره والمدرسة خصوصا فلا تكـاد تخلو المؤسسات التعليمية، وترتفـع أعـداد المتغيبين فيها خلال أيام الدراسة. أما الأماكـن التي يفضلهـا هؤلاء بعد تغيبهم هي قرب المؤسسات التعليمة و بين الازقة و الشوارع أو يفضلون الذهاب الى مقتهي الانترنت، فمــن منا لا يصادف في طريقـه العديد من التلاميذ و هو يجوبون الازقة و الشوارع المقابلة للمؤسسات التعليمة ،يمارسون كل أشكال الانحراف بشكل علني و إما يختبئون في أحد مقاهي الانترنت ، ، فهـل الـذي ساعـد على انتشـارهـا هو التلميذ نفسه ؟ فلو ساهم الاب في مراقبة هؤلاء الابناء لإنتهـت هـذه الظاهـرة. وما هي النتائـج التي تخلفهـا هــذه الظاهرة؟ وما هـي الآليــات الناجعـة للقضـاء عليهـا أو علـى الأقـل التخفيـف من حدتهـا؟
v التحلـــــــــــــــــــــــيل:
يبـدو أن لجــوء هاتـه الفئـة من المجتمـع إلى الغياب لـم تأتي من فـراغ، وإنمـا هنـاك مجموعـة من الظروف هـي التي ساهمت في جعل التليمذ يتغيب عن الدراسة، و جعلتـه يختـار هـذا الطريـق و بالتالي يكون خارج فضاء الحجرة الدراسية، وإذا تفحصنـا مليـا في عمـق هـذه الظاهرة، سنجـد أن الدوافـع الحقيقيـة يمكـن تلخيصهـا في الوجود للمشكلات الاجتماعية التي تمثل مواقف تواجه الانسان وقد تتحول الى أزمات يتحتم ايجاد حلول لها وهناك مشكلات عامة يعانى منها التلاميذ فى مختلف انواع ومراحل التعليم وهناك مشكلات خاصة ينفرد بها بعض الافراد ومن المشكلات ما يتطلب مواجهة فردية وبعضها الاخر يتطلب مواجهة جماعية والمشكلات تأتى مع التلميذ نتيجة مؤثرات أسرية أو بيئية،حيث نجد العديد من التلاميذ يواجهون مشكل الشعـور بالتهميـش والحرمـان والإقصـاء،أيضا نلاحظ في أوساط المجتمع انتشـار السجائر و كل أنواع المخدرات و التـي تكتسح المجتمعـات بشكـل كبيـر،نتيجـة لارتباطنا بعقلية الغرب و التي تؤدي لعدم التكافـل بيـن أفـراد المجتمـع،و كذلك النمو السريـع التـي تشهـده المدينة أكثر من البوادي والمداشـر النائيـة إلـى المدن، للبحــث عن ظروف عيش أفضـل، خصوصـا بعـد الفترات المناخية الجافـة التي عرفتهـا القرى، ممـا جعـل المدن تعرف تضخمـا سكانيـا كبيـرا، ظهـرت معـه أحيـاءا ريفيـة بضواحـي المدن الكبـرى يسكنها قرويون هاجروا للبحث عن عمل. و من المشاكل أيضا التي تعرفهـا الأسر والعائلات بسبب المشاكــل الإقتصاديـة والإجتماعيـة الناتجـة عن ارتفـاع معـدل الطـلاق، والتـي أحدثـت طفـرة في التنظيـم الأسـري، يخـرج معـه الأطفـال وأمهاتهـم إلـى التسكـع في الشوارع،
خروج المرأة للعمل سواء في الضيعات أو المعامل حيث يتكلف التلميذ بالاستيقاض لوحده و تهييئ و جباته الغذائية، و منه من يظل عند الجيران دون مراقبة،و بالتالي يكون هنا عرضة للشاعر و النتيجة امتهان كل أشكال الانحراف من تدخين و سرقة و تناول لشتى أنواع المخدرات ،و كذلك كراهية التلميذ للمدرسة،و فشله الدراسى، و أيضا سوء المعاملة التي يتعرض لها من طرف المدرس و أصدقاء الدراسة أيضا،و نجد المرض وعدم القدرة على الايفاء بمتطلبات المدرسة، الانشغال بمساعدة الاسرة ماديا لانها فقيرة ، و عدم تكيفه مع الاوضاع المدرسية التى تختلف مع الاوضاع التى تعود عليها فى الاسرة،و من الاسباب أيضا اهمال التلميذ فى اداء واجباته ، و محاولة التخلص من أعباء متابعة الدروس التى لا يجد فيها اى لون من المتعة و أيضا، تاثير بعض الرفاق المنحرفين. و من الاسباب الاخرى سياسة الضغط من جانب الوالدين واستخدام العقاب البدنى او غيره يؤثر على قدرة التلميذ فى متابعة الدراسة.
و أسباب لأخرى كبعد مكان السكن عن المدرسة و عدم توفر المواصلات بين البيت و المدرسة...
v فرضيـــــات البــــحث:
مشكلة غياب التلاميذ من المشكلات الهامة التي يجب ان تحظى باهتمام كبير من ادارة المدرسة واولياء امور التلاميذ والمجتمع بشكل عام حتى نحافظ على أبناء هذا المجتمع وقد بحثت في اسباب الظاهرة، و أكد ضمن هذا الاطار بعد رصد الظاهرة و ملاحظتها داخل الميدان أنه من الضروري إشاعة الروح العائلية في المدرسة وسيادة الاحترام والحب المتبادل بين الإدارة واالاساتذة والتلميذ فعـــن طريــق المعامــلة الجيدة الموجهة، والرعاية النفسية، وفي ظــل الولاء الـــذي يســـود المدرســـة نستطيع التخلص من هذه الظاهرة من خلال تقديم النصح والإرشاد من خلال الإذاعة المدرسية باعتبارها من أهم الأنشطة التربوية و تفضيل الثواب على العقاب في حث التلاميذ على عـــدم الغياب وعــدم معاملتهم بقســوة. و كذلك التكليف بالواجبات ، وهو جــــزاء جيد إذا ما تم استعماله بعـدل دون إسراف بغية الانتقام من التلميذ المتغيب بــدون عذر، كما أنه يساعد على تثبيت المعلومات لدى التلميذ كـــأن يطلب منه نسـخ الدروس التي فاتته من زملائه وذلك داخل المدرسة. و مكافأة الطلبة الذين يحرصون على عـــدم الغياب من خلال استحداث الأنشطة المتنوعة المحببة لهم
وتقديم النصح والإرشاد الجماعي لجميع التلاميذ داخل الفصل الدراسي،و من الضروريات أيضا وجـــود الممرض المقيم في كل مدرسة نظراً لأهميـــة الـــدور الذي يقـــوم به، حيث يهتـــم بالحــالات المرضية المزمنة والطارئة ممــا يساهــم في إحساس أولياء الأمور بالاطمئنان لوجود من يرعى ابنائهم في فترة
مرضهم أثنــاء تواجــدهم بالمدرسـة، إلا أن الاستغنـــاء عنهم أدى لتفشي ظاهـــرة الغياب والاستئـــذان طـــوال العام الدراسي بشكــل ملحـــوظ فمجـــرد إحساس التلميذ بمرض طفيف بالــرأس يدفع باالتلميذ للاتصال على ولي أمـــره لأخــــذه مــن المدرسة والاستئذان وبالتالي تضيع علية الكثير من المواد الدراسية فلــو كان هناك ممرض لوفر له العلاج السريع دون الحاجة للاستئذان أو التغيب من المدرسة وعلى وزارة التربية الوطنية توفير الممرضين المقيمــين في المدارس ذات الكثافة الطلابية الكبيرة و أيضا توفير المساعدين الاجتماعين الذين يساهمون في حل مشاكل التلاميذ.
و من أهم الاشياء التي يجب القيام بها للحد من هذه الظاهرة مساعدة التلميذ عبر إيجاد صديق يكون موضع إعجابه للتعاون معه و للتحدث معه وأن يدرس معه قدر الإمكان، حتي يمكن له أن يكون تكوين الألفة والود ببينهما و استخدام استخدام الإذاعة المدرسية بشكل مكثف لتوعية التلاميذ على أهمية حضور الحصص اليومية، وما ينجم عن الغياب المتكرر وأثره على التحصيل الدراسي ،أيضا على جمعيات الاباء و إدارة المؤسسات التعليمية القيام بزيارات منزلية لبيوت التلاميذ اللذين يتكرر غيابهم حتى تتعرف الادارة على المشكلة الحقيقة بالضبط ،عنصر اخر هو دراسة بعض دراسة حالة بعض التلاميذ الذين يتكرر غيابهم.
أخيرا أكد على ضرورة القيام برحلات للتلاميذ المتغييبين من أجل الوقوف عن كتب على مشاكلهم الحقيقية،و عقد لقاءات تواصلية مع اولياء أمورهم حتى يتسنى لادارة المؤسسة حل مشكل هذه الطاهرة و ذلك بمساعدتهم.










a da mohamad
ردحذف