ouladteima
يعاني العالم العربي اليوم في مجمله من مشكلة حادة ومستفحلة تتمثل في الفساد الإداري والمالي والقانوني ؛ ويمر اليوم بحالة ثورية تفقد فيها الأنظمة زمام المبادرة لأنها تنفعل بالأحداث دون أن تفعل فيها نتيجة تجاهلها الطويل للمجتمعات وما يقع فيها من تغييرات وتغافلها عن آثار التحديث على الاقتصاد وطموحات الشباب ، فقد تبنى الشباب المقموع التواق إلى الحرية والانعتاق من براثن الأنظمة الفاسدة ،تبنى الوطنية الحقة بأسمى معانيها حيث كانت الأنظمة تدعي احتكار الوطنية وتؤسس عليها شرعيتها ، فالثورات الجديدة تقول بلسان الحال أن أمانة الوطنية خانتها أنظمة بن علي ومبارك والقذافي وجنرالات الجزائر كما خانتها في المغرب أحزاب كثيرة كانت تدعي الوطنية والحفاظ على المقدسات وحقوق الانسان وغيرها من الشعارات الرنانة التي فقدت بريقها مع الزمن وذلك باكتشاف النوايا الحقيقية لأحزابنا السياسية التي لا هم لها سوى استنزاف ثروات البلاد والعباد وامتطاء صهوة الفساد لتحقيق تلك الغايات التي تزيد من ثراء أصحابها وتكرس فقر المجتمع وهو ما أدى إلى تعطيل قطار التنمية سنين عديدة ،
إن الشارع اليوم أكثر وطنية ممن يتحدثون باسم الدولة ويعكس ذلك عدد الأعلام التي يرفعها المحتجون أثناء مظاهراتهم ولا تخفى الدلالة العميقة لاعتماد الثوار في ليبيا العلم الوطني السابق الذي يخص مملكة السنوسي ، وقد برهن الشباب أثناء الثورات العربية أن روح الوطنية مازالت بالقوة ذاتها التي كانت عليها في الأجيال السابقة التي كافحت من أجل الاستقلال وهي اليوم تكافح من أجل إسقاط الفساد وخصوصا في المغرب الذي اتضح أن أحزابه السياسية كانت مجرد أصداف فارغة وواجهة كبرى للمفسدين وأن فئة قليلة تحكم فئة كثيرة وطريقها في ذلك الاستبداد الذي تحدث عنه المفكر عبد الرحمان الكواكبي في كتابه ـ طبائع الاستبداد ـ ويبدو أن هذه الفئة المتحكمة من العائلات الارستقراطية قد تبنت مذهب ميكيافيلي السياسي الذي يعتمد على المصلحة الشخصية في تسيير أمور السياسة وتحقيق الغايات بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة أي أن الغاية تبرر الوسيلة ،إن المغاربة اليوم يؤاخذون على الأحزاب السياسية اللبرالية والاشتراكية واليسارية والمريخية وغيرها من الأحزاب التي تعاقبت على تدبير الشأن العام نكوصها بعهودها وعدم تلبية المطالب الاجتماعية بشكل خاص وسادت خيبة الأمل نتيجة فشل التنمية الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة واستفحال أزمة السكن واتساع مشاكل المعيشة اليومية التي تواجهها الطبقات الفقيرة ولم يكن القطاع الاقتصادي نظرا لضعف مردوديته يتيح استثمارات جديدة توفر مزيدا من فرص العمل وباتت كل المؤشرات الاقتصادية تنذر بالتردي ، نمو ضعيف وبطالة متزايدة وإنتاجية متدنية ،وكما كانت الحال في الدول الاشتراكية السابقة فإن اقتصاد الدولة بدل أن يؤدي وظيفته الأصلية المتمثلة في حماية السكان من آثار تقلبات السوق ، بات يطبعه الفساد وكساد المؤسسات وخصوصا البنكية التي تنتشر فيها الرشوة والمحسوبية والزبونية
وهو أمر ينطبق كذلك على المؤسسات البنكية في المغرب التي يمتلكها ولا أقول يسيرها؛ مدراء يمتهنون النصب والاحتيال ويتقنون أصول السرقة وقواعدها العامة وهنا يجرني هذا الحديث إلى أهمية الأبناك ودورها الفعال في ترسيخ ثقافة التضامن الاقتصادي ومد يد العون إلى الشباب الطموح من أجل بناء مستقبله وبالتالي بناء مستقبل بلده، لكن هذه الأهداف الاقتصادية التي يجب على الأبناك تحقيقها لانجد لها أثرا في الواقع وهو ماوقع مؤخرا في منطقة سبت الكردان حيث يعيث مدراء الأبناك ومسؤوليها فسادا في البر والبحر، بحر الأموال العامة ويتحكمون في أموال هوارة الضائعة وهذا يكون غالبا بمباركة الأبناك المركزية التي ترسل اللصوص إلى تلك الأبناك في صفة مسؤولين محترمين ونزيهين مستغلين بذلك الفراغ القانوني وإمكانات أخرى تترك مجالا واسعا للمدراء قصد اللعب مع الكبار دون حسيب ولارقيب ،،،، إن المدعو رد صاحب صيدلية في الكردان استغل طيبوبة وبساطة أ.د و خ.د وهما من المستخدمين في هذه الصيدلية ، استغل ثقتهم ليورطهم في سلف بنكي دون علمهم وذلك بالاتفاق مع مدير البنك وقد تجاوز المبلغ 100 مليون سنتيم وبعد هذه الواقعة اختفى عن الأنظار ويشاع أنه هرب إلى دولة أوروبية وأما المدعو ع ل وزوجته صاحبة عيادة خاصة للفحص بالأشعة فقد اقترض مبالغ طائلة ولم يرجع حتي الآن ولو سنتا واحدا وأما المدعو ب ل أحد أشهر الفلاحين في الكردان وانه م س فقد نهب مبالغ تفوق 200 مليون دون أن يعيد القرض إلى المؤسسة البنكية بالتقسيط كما تنص على ذلك القوانين الجاري بها العمل في مثل هذه التداولات البنكية ،، وهناك العديد من الفلاحين ورجال السلطة من اقترضوا مبالغ طائلة دون حسيب ولارقيب ،وأما بطل القصة والمنسق العام لهذه العملية هو المدعو ي س مدير القرض الفلاحي الذي قام بتسهيل الاجراء ات وتقديم هذه الأموال دون وجه حق وتندرج هذه الأفعال في إطار النصب والاحتيال واستغلال المال العام ، لقد فجرت هذه القضية فضيحة مالية من العيار الثقيل ولو أن بعض الصحف كتبت عن الموضوع بشكل خجول ليتضح من جديد أن الفساد المالي للأبناك أحد العوامل الأساسية في تخلفنا الاقتصادي ،فلو كانت الأبناك تشتغل بشكل جيد وفق مقاييس علمية وضوابط اقتصادية لكان ذلك دعامة أساسية للمقاولات الصغرى والمتوسطة ولدفع بمجال التشغيل الذاتي إلى الأمام وتقليص نسب الفقر والعطالة ، إن إصلاح المؤسسات البنكية وإحاطتها بترسانة قانونية ومالية فعالة كفيل بالنهوض بشتى القطاعات الاقتصادية لكن يجب إسناد إدارتها إلى أناس شرفاء وأكفاء وما أكثرهم في هذا الوطن حتى لا تتكرر مثل هذه الاختلاسات المالية ويجب أن يكون ذلك مع المراقبة الصارمة من طرف لجان متخصصة ،،، ياعجبي في بلد يسرق فيه مدير بنك مئات الملايين ويسجن لسنة واحدة أو يفر إلى كندا بسهولة ويسجن من سرق بيضة أو كسرة خبز ليسد بها رمقه سنين عديدة في دولة الحق والقانون ،، إن حكومة بن كيران مسؤولة أمام الله وأمام الشعب الذي انتخبها وقد أعلن رئيس الحكومة أمام البرلمان في برنامجه الحكومي عن حزمة من الاجراء ات غير المسبوقة حسب قوله لمحاربة الفساد وفي نظري إن مايقع في المؤسسات البنكية من اختلاسات يجب أن يكون من أولويات الحكومة الجديدة والأكيد أننا سننتظر ما ستنتجه لنا نظرية المسؤولية المرتبطة بالمحاسبة ،هل هي وهم أم واقع وسنرى هل ستقدم الأبناك في هوارة قروضا للشباب الطموح في زمن حكومة بن كيران ،،، وهاذا ماكان،
0 التعليقات:
إرسال تعليق